أوسلو – أيار/مايو 2025
إعداد وتقرير وتحليل : م. خـالد الأسعد
___________
أصدرَت المديرية النرويجية للهجرة (UDI) تقريرها السنوي لعام 2024 ، كاشفةً النقاب عن صورة دقيقة لوضع اللاجئين السوريين في النرويج، في عامٍ اتّسم بالتحولات السياسيّة الكُبرى، وعلى رأسها سقوط نظام الأسد البائد في سوريا، وما تبعه من تغييرات جذرية أثّرت على مسار الهجرة والحماية الدولية للسوريين.
ارتفاع كبير في عدد طالبي اللجوء السوريين :
رغم انخفاض إجمالي عدد طالبي اللجوء إلى النرويج بنسبة 42٪ مقارنةً بالعامين السابقين، سجّل عدد طالبي اللجوء السوريين لعام 2024 ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 36٪ مقارنةً بعام 2023.
وقد شكّل السوريون الفئة الأكبر بلا منازع؛ فــ باستثناء اللاجئين القادمين من أوكرانيا، مثّل الوافدون من سوريا نصف جميع طالبي اللجوء إلى النرويج في عام 2024.
تعليق معالجة طلبات الحماية واللجوء للسوريين :
مع اقتراب نهاية عام 2024، ونتيجة للتغيرات العميقة التي شهدتها سوريا بعد سقوط النظام البائد ، قررت إدارة الهجرة النرويجية (UDI) تعليق طلبات الحماية واللجوء المقدّمة من السوريين حتى إشعار آخر. ويرجعُ ذلك إلى عدم اليقين بشأن الوضع الأمني وخطر الاضطهاد في سوريا. ولعدم قدرة إدارة الهجرة النرويجية على تقييم مدى خطورة عودة طالبي اللجوء حتى تصبح الأوضاع أكثر وضوحا. ويشمل هذا القرار جميع فئات السوريين: الأطفال، البالغين، والقُصّر غير المصحوبين بذويهم. ويعني التعليق أن الطلبات ستظل معلقة لفترة قد تطول، مما سيلقي بظلاله الثقيلة على المدة الإجمالية لمعالجة الحالات العادية مستقبلًا، حيث شهدت العديد من مراكز الاستقبال [الكامبات] في النرويج حالات من الإضراب عن الطعام والاعتصامات كمحاولة لحثّ مديرية الهجرة على استمرار معالجة الطلبات ، كان أبرزها في مقاطعة ترومس وفينمارك .
نظرة أقرب على القُصّر غير المصحوبين بذويهم:
شهد عام 2024 تسجيل 246 حالة من طالبي اللجوء القُصّر السوريين غير المصحوبين بذويهم، مقارنة بـ 249 حالة في عام 2023.
وقد تم رسميًا تعليق معالجة ملفات القُصّر السوريين غير المصحوبين بذويهم أيضًا، ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني لهذه الفئة الهشّة.
حصص اللاجئين السوريين عبر الأمم المتحدة:
على صعيد إعادة التوطين عبر برنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ففي عام 2024 استقبلت النرويج 230 لاجئًا عبر الحصص الرسمية، كان بينهم 90 لاجئًا سوريًا من تركيا و100 لاجئ سوري من الأردن.
غير أن الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها سوريا في نهاية العام تسببت في تعليق عمليات سحب اللاجئين السوريين من الأردن، عقب سقوط النظام البائد .
تزايد الاهتمام بالعودة الطوعية :
خلال النصف الثاني من عام 2024، بدأت العودة الطوعية تأخذ حيزًا أكبر ضمن برامج الإرشاد التي تقدمها مديرية الهجرة(UDI). وفي حين كانت غالبية الاستفسارات التي تصل لمديرية الهجرة النرويجية تتعلق بالعودة إلى أوكرانيا، لوحظت زيادة ملحوظة في استفسارات السوريين حول العودة مع نهاية العام، مما يعكس قلقًا متزايدًا داخل الجالية السورية بشأن مستقبلهم القانوني والمعيشي في النرويج.
عام 2024 شكّل للسوريين في النرويج عاماً حافلاً بالتغييرات :
ففي الوقت الذي وجد فيه كثيرون ملاذاً آمناً في النرويج، اصطدم آخرون بجدران جديدة من الشكوك والإجراءات المُعلّقة. وفي ظلّ غموض الأوضاع السياسيّة في سوريا، تبقى التساؤلات مفتوحة حول كيفية تعامل النرويج مع ملفات الحماية في المستقبل، وما إذا كانت حالات العودة الطوعية سوف تزداد . على الطرف الآخر , مديرية الهجرة، من جهتها، تؤكّد التزامها بمواصلة التعامل مع قضايا السوريين ضمن إطار قانوني وإنساني يحترم الاتفاقيات الدولية، ولكنها أيضًا توجه أنظارها نحو واقع سياسي متغيّر قد يعيد رسم خريطة اللجوء بشكل كامل في السنوات المقبلة.
هامش – بعض الأرقام والإحصائيات العامّة :
– بحسب مديرية الهجرة النرويجية فإنّ متوسط عدد الأيام لمعالجة القضايا العادية لعام 2023 كان 167 يوم , ولعام 2024 كان 319 يوم .
– عدد طلبات العودة الطوعية لعام 2023 كان 1278 , ولعام 2024 كان 2880
– بحسب آخر تحديث لأرقام مكتب الإحصاء النرويجي SSB فإن العدد الكامل لـ السوريين في النرويج يبلغ 40744
– عدد المهاجرين في النرويج بشكل كامل يبلغ 965000 شخص ..
– أكبر مجموعات المهاجرين في النرويج هم :
– بولندا 111000
– اوكرانيا 80000
– ليتوانيا 43000
– سورية 40774
-السويد 37213
– بينما جاء العراق عاشراً بما يقارب من 23000 شخص
مقال- السوريّون في النرويج : عام التحولات الكبرى بين تعليق الطلبات والغموض المستقبلي
